مفهوم المنهج البنيوي: دراسة تحليلية
مقدمة:
يعد المنهج البنيوي أحد أهم المناهج النقدية الحديثة، وقد انتشر في النصف الثاني من القرن العشرين، وأثر بشكل كبير على الدراسات الأدبية في مختلف أنحاء العالم. يعتمد هذا المنهج على دراسة النص الأدبي باعتباره بنية متكاملة، لها قواعدها وقوانينها الخاصة، والتي تتحكم في تشكيله ودلالاته.
المحتوى:
يمكن تعريف المنهج البنيوي بأنه "منهج نقدي يعتمد على قراءة النص وفق مبادئ وأسس مضبوطة، إذ ينظر هذا المنهج إلى النص على أنه بنية لها قواعدها التي تنظم عناصرها الخاصة على نسق واحد، وتستقل دلالتها عن الخارج، فالمفاهيم والأفكار والدلالات تُستخرج من خلال قراءة النص".
يتميز المنهج البنيوي بعدة خصائص تميزه عن باقي المناهج الحديثة في النقد الأدبي، وهذه الخصائص تتمثل فيما يأتي:
الشمولية: أي خضوع العناصر التي تُشكّل البنية لقوانين تُميّز المجموعة كمجموعة، أو الكل ككلّ واحد.
التحول: يعني أنّ هناك قانونًا داخليًّا يقوم بالتغيرات داخل البنية التي لا تبقى في حالة ثابتة، فهي دائمة التغير.
الانتظام الذاتي: أي أنّ البنية تستطيع تنظيم ذاتها بذاتها لتُحافظ على وحدتها واستمراريتها.
يقوم المنهج البنيوي على مبادئ عديدة، من أبرزها ما يأتي:
الأدب نصّ مادّيّ تام منغلق على نفسه: حيث تتمّ دراسة الأعمال الأدبية في ذاتها، بغض النظر عن العوامل والظروف المحيطة بها.
اللغة هي التي تتكلم، وليس المؤلف: حيثُ يُلغي شخصية الكاتب في النص؛ ليتولّد المعنى بعيدًا عن الظروف الخارجية.
يقوم المنهج البنيوي في تحليله النصوص الأدبية على مستويات مُتعددة، يُمكن تقسيمها على النحو الآتي:
المستوى الصوتي: يقوم هذا المستوى على دراسة الحروف (أصوات اللغة) وتكويناتها ورمزيتها وموسيقتها من تنغيم، ونبر، وإيقاع.
المستوى النحوي: يقوم هذا المستوى على دراسة تنظيم الكلمات وتركيب الجمل وتأليفها وخصائصها الدلالية والجمالية.
المستوى الصرفي: يقوم هذا المستوى على دراسة الكلمات والبُنى اللفظية لها، ووظيفتها في التكوين اللغوي.
المستوى الدلالي: يقوم هذا المستوى على دراسة وتحليل المعاني المباشرة وغير المباشرة، والصور المتصلة بالأنظمة الخارجة عن حدود اللغة، المرتبطة بالعلوم النفسية والاجتماعية والتاريخية.
المستوى الرمزي: يقوم هذا المستوى على دراسة رمزية اللفظ، واستنتاج وتركيب ما تقوم به المستويات السابقة من دور في المعنى الجديد، وإنتاج مدلولات أدبية جديدة.
يعتمد المنهج البنيوي طرقًا منهجية في نقد النص الأدبي، منها ما يأتي:
المنهج الشكلاني: يقوم هذا المنهج على الاعتناء بالشكل أكثر من المضمون، فهو لا يُعنى بالظروف والعوامل الخارجية، ولا يُسقطها على النص عند تحليله.
المنهج التكويني: يقوم هذا المنهج على تحليل النصوص الأدبية من منظور اجتماعي وآلي، أيّ لا ينظر للنص بانعزالية تامّة عن الواقع الذي أنتج فيه، بل يرى أنّ الأدب تعبير عن الواقع.
الخاتمة:
يعد المنهج البنيوي منهجًا نقديًا مهمًا، فقد ساهم في إثراء الدراسات الأدبية، وتقديم رؤى جديدة لتحليل النصوص الأدبية. ومع ذلك، فقد تعرض هذا المنهج لبعض الانتقادات، منها أنه يُهمل المؤلف والسياق التاريخي والاجتماعي للنص، ويُركز بشكل كبير على الشكل على حساب المضمون.
تعليقك يهمنا